Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
أدبثقافة وحياة

لغة القلب والعقل: الدكتور رضوان الهندي يروي رحلته مع العربية

الدكتور رضوان الهندي، أكاديمي ومحب للغة العربية، نشأ في بيئة هندية متعددة الثقافات واللغات، حيث يُعتبر التنوع اللغوي أمرًا طبيعيًا بفضل تعدد اللغات واللهجات الرسمية التي تتحدث بها أقاليم الهند. وُلد الدكتور رضوان لأسرة متدينة محبة للعلم، وقد أثر والده بشكل عميق في حياته الثقافية، خاصة من خلال حرصه على قراءة تفسير القرآن الكريم. كبر الدكتور رضوان في هذا المناخ، وكانت نشأته دافعًا له ليتعلم اللغة العربية رغبةً في فهم أعمق للقرآن.

يقول الدكتور رضوان عن هذا التأثير: “منذ طفولتي، كنت أرى والدي يقرأ التفسير بتعمق ويحاول دائمًا أن يتدبر معاني الآيات. دفعني ذلك إلى تعلم العربية بجدية، لتكون طريقي لفهم القرآن بلغة الوحي نفسها، وليس مجرد قراءة دينية سطحية.”

المحطة الأولى: الهند والتعلم الأكاديمي

بداياته الأكاديمية بدأت من الهند، حيث حصل على درجة الماجستير ثم درجة متقدمة أخرى في علم اللسانيات. وكانت جامعة نهرو في الهند من الجامعات التي وفرت بيئة أكاديمية ممتازة لدراسة اللغات، حيث درس الدكتور رضوان العربية إلى جانب الألمانية والفارسية. ورغم وجود فرص لدراسة اللغات الأوروبية، فقد اختار العربية كشغف واهتمام أكبر، وخاصةً عندما توفرت له الفرصة للدراسة في بيئة عربية.

يقول الدكتور رضوان: “اللغة العربية بالنسبة لي كانت اختيار القلب، لا مجرد دراسة أكاديمية، ولذا فضلتها على الألمانية والفارسية، وبقيت معها حتى بعد أن غادرت الهند.”

الانتقال إلى اليمن وتعلم اللغة من قلب الثقافة

في عام 1997م، حصل الدكتور رضوان على فرصة تدريسية في جامعة العلوم والتكنولوجيا في اليمن. كانت هذه الرحلة الأولى خارج الهند، حيث كان حينها شاباً في الخامسة والعشرين من عمره، مليئاً بالطموح لتعلم اللغة العربية بشكل أعمق. وجد في اليمن بيئة ترحيبية أتاحت له الفرصة لتعلم العربية من قلب الثقافة، حيث لم يقتصر تعليمه على اللغة الفصحى فقط، بل تعرّف أيضًا على اللهجة اليمنية وأتقنها بمرور الوقت.

أثرت اليمن بشكل عميق في حياته، يقول الدكتور رضوان: “عندما وصلت إلى اليمن، استقبلني الشعب اليمني بحفاوة وترحاب عظيمين. لم أكن أشعر أنني أعيش في بلد غريب، بل كان الجميع يعاملونني وكأنني أحد أفرادهم.” خلال هذه الفترة، كان يعيش بين اليمنيين، ويتعلم منهم اللهجة المحلية، مما عمّق تجربته الثقافية وفتح له آفاقًا جديدة لتعلم اللغة.

طرافة المواقف وتفاعل المجتمع اليمني

أحد المواقف الطريفة التي يرويها الدكتور رضوان هو لقاؤه مع سائق تاكسي في صلالة بسلطنة عمان، حيث أبدى السائق اليمني استغرابه من الدكتور رضوان بعد محادثة قصيرة باللهجة اليمنية، قال له السائق: “شعرك هندي ولهجتك يمانية، ودمك غامض!” كان تعليق السائق نابعًا من فضول حول كيف يمكن لشخص هندي الأصل أن يتقن اللهجة اليمنية بهذه الطريقة، ما يعكس عمق اندماج الدكتور رضوان وتأثره بالثقافة اليمنية.

وأضاف الدكتور رضوان عن هذه التجربة قائلاً: “هذا الموقف يعكس حقيقة أن اللغة ليست مجرد كلمات وحروف، بل هي انعكاس للثقافة. تمكنت من التواصل مع اليمنيين بعمق بفضل تعلمي للهجتهم، وهذا جعلهم يشعرون بأنني واحد منهم.”

مسيرته الأكاديمية وتطوير حب العربية

بعد سنوات من الدراسة والتدريس، عاد الدكتور رضوان إلى الهند ليكمل دراسته في علم اللسانيات، ثم سافر إلى الولايات المتحدة حيث حصل على درجة الدكتوراه. ورغم انتقاله إلى بيئات تعليمية مختلفة، إلا أن شغفه باللغة العربية لم يتراجع، فقد وجد في العربية أداة مميزة تفيده في دراسته اللسانية. يصف الدكتور رضوان التحديات في تعلم العربية ويشير إلى أن اللغة العربية تميزت عن باقي اللغات التي درسها، حيث تختلف بنية الجمل والقواعد بشكل كبير.

يقول الدكتور رضوان: “تحتوي اللغة العربية على ميزات بنيوية لا توجد في معظم اللغات الأخرى، مثل بداية الجمل بالفعل، وهو ما يميزها ويجعل دراستها ممتعة ومفيدة للغويين.”

التنوع اللغوي: تجربة فريدة ومثرية

كونه يتحدث عدة لغات من بينها الهندية والأردية والإنجليزية والفارسية، إضافةً إلى العربية، يصف الدكتور رضوان تجربته اللغوية بأنها انعكاس للتنوع الثقافي في الهند، حيث تعتبر البلاد موطنًا لأكثر من 20 لغة رسمية. ويشير إلى أن هذا التنوع منحه القدرة على فهم كيف تؤثر الثقافة على اللغة وكيف تتأثر اللغة بالثقافات المحيطة.

على سبيل المثال، تتضمن اللغة الأردية العديد من الكلمات المستعارة من العربية والفارسية، بينما تحتوي الهندية على كلمات إنجليزية وسنسكريتية. يقول الدكتور رضوان: “الكلمات المشتركة بين الأردية والعربية تشكل جزءًا من ذاكرة ثقافية مشتركة بين الشعوب، وهو ما يثير اهتمامي كلغوي وأكاديمي.”

استغلال منصات التواصل الاجتماعي لنشر الثقافة

بجانب دوره كأستاذ جامعي، استغل الدكتور رضوان منصات التواصل الاجتماعي، وخاصة تيك توك، كوسيلة لنشر الثقافة واللغة العربية. يُعتبر هذا الجانب من حياته الأكاديمية تحولًا جديدًا ومبتكرًا، حيث وجد من خلال هذه المنصات وسيلة للتواصل مع الشباب وتعليمهم اللغة بطريقة مرحة ومبتكرة. لاقت الفيديوهات التي ينشرها إقبالاً كبيرًا، وأصبح يحظى بمتابعة من محبي اللغة العربية، سواء من الناطقين بها أو من غير الناطقين.

https://www.tiktok.com/@hindimu3arrab/video/7351765856101207304

يقول الدكتور رضوان عن هذه التجربة: “التواصل عبر تيك توك وغيرها من وسائل التواصل الاجتماعي جعلني أتمكن من الوصول إلى شريحة أكبر من الناس، وخاصة الشباب الذين لم يتاح لهم تعلم العربية في بيئتهم الأصلية. وأصبح لديّ جمهور متنوع من مختلف الجنسيات، وهذا يعزز رسالتي التعليمية.”

تأثير العربية في العالم وأهميتها الثقافية

يشير الدكتور رضوان إلى أن تأثير اللغة العربية يتجاوز حدود العالم العربي. فالكلمات العربية دخلت العديد من اللغات الأخرى بفعل التجارة والتفاعل الثقافي. على سبيل المثال، بعض الكلمات الهندية التي يستخدمها أهل الخليج مثل “سيدا” و”كرك”، تعتبر كلمات دخيلة من الهندية، بينما تحتوي اللغات الهندية والأردية على العديد من الكلمات العربية مثل “قلم” و”كتاب”.

يضيف الدكتور رضوان: “التفاعل بين الثقافات والشعوب أنتج خليطًا من المفردات التي تعكس عمق العلاقة بين الشعوب. فاللغة تحمل في طياتها الهوية والتاريخ، ويجب أن ندرك قيمتها الثقافية ونسعى للحفاظ عليها.”

الرسالة التي يحملها للشباب

يعبر الدكتور رضوان عن أمله في أن يُلهم الشباب العربي للحفاظ على لغتهم وثقافتهم، ويؤكد أن تعلم اللغات الأجنبية لا يجب أن يكون على حساب اللغة الأم. يرى في اللغة العربية “لغة الروح”، حيث أنها تجمع بين الأدب والتاريخ والشعر والفن، وتمثل هوية عريقة يجب أن يفخر بها كل عربي.

يختم الدكتور رضوان حديثه قائلاً: “يجب أن نعلم الأجيال القادمة أن اللغة العربية ليست مجرد وسيلة تواصل، بل هي جوهر ثقافتنا وحضارتنا. حافظوا على هذه اللغة التي تحوي معاني الإبداع والجمال، وتعلموا أن تكونوا سفراء لها في كل مكان.”

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى