إرث الشيخ الإسلام جمال الدين الطيبي: جسور التجارة والثقافة بين الخليج العربي والهند

كان شيخ الإسلام جمال الدين بن إبراهيم بن محمد الطيبي، المعروف أيضًا بـ”مالك الإسلام”، من أكبر تجار الخليج العربي في القرن الثالث عشر الميلادي خلال فترة الحكم المغولي للعالم الإسلامي.

وُلد في جزيرة قيس في عام 1269م (662هـ) واشتهر في الشرق بتجارته وعلاقاته التجارية الواسعة التي امتدت إلى أهم أسواق التجارة العالمية خاصةً في الهند والصين. كان يتحكم بصورة مطلقة في تجارة اللؤلؤ والخيول العربية القادمة من منطقة الخليج العربي إلى أسواق الهند وخراسان وبلاد الروم والإفرنج، وسيطر على الموانئ التي تجلب إليها البضائع الصينية، ومكنته علاقاته التجارية من امتلاك أسطول تجاري ضخم واستئجار بعض الجزر.

كان لشيخ الإسلام جمال الدين الطيبي تأثيراً كبيراً على الهند خلال عصره وشكل محوراً مثيراً للإعجاب ضمن التاريخ المشترك بين العرب والهنود، وشملت سيرته جوانب متعددة غنية بالتفاصيل المتعلقة بالتجارة، والسياسة، والتفاعلات الثقافية بين الخليج العربي وشبه القارة الهندية في أواخر القرن الثالث عشر وأوائل القرن الرابع عشر الميلادي.

وساهم اعتلاء أخيه منصب الوزارة لدى أمير منطقة الهند الجنوبية على علو شأنه ومكانته في الهند حتى لُقب بـ “مرزبان الهند” في عام 692هـ/1293م، مما مكنه من التحكم بصورة مطلقة في تجارة الهند وبحور الشرق الأقصى.

سيطر شيخ الإسلام جمال الدين أيضاً على تجارة اللؤلؤ والخيول العربية القادمة من الخليج العربي وكان يصدر 1400 حصاناً سنوياً من اسطبله الخاص فقط، ومكنته علاقاته التجارية من امتلاك اسطول تجاري جاوز المئة سفينة، واستئجار بعض الجزر في الخليج العربي مقابل دفع ضرائب لخزينة الإلخانية المغولية التي كانت تعاني من مشاكل، وحصل ازائها على امتيازات كبيرة.

وواكب ازدهار العلاقات التجارية في عصره على تبادل الأفكار، والتقنيات، والممارسات الثقافية بين العالم الإسلامي وشبه القارة الهندية، وهي سمة ميزت العصر الوسيط.

يعد إرثه في الهند شاهدًا على قوة ونجاح التجارة والدبلوماسية في تعزيز الجسور بين الثقافات المتنوعة ودعم التفاهم المتبادل والترابط بين العالم، وشكل منظوراً جديداً يستحق الدراسة حول دور التجارة والدبلوماسية في تشكيل التاريخ المشترك بين الخليج العربي وشبه القارة الهندية.