إنّ أول وقف في كيرالا لا توجد حوله وثائق دقيقة تثبته، لكن يُعتقد عمومًا أن تاريخ الوقف قد بدأ مع بداية الدعوة الإسلامية وانتشارها في المنطقة، وعلى الرغم من أن نظام الوقف الإسلامي قد بدأ منذ عهد النبي محمد صلى الله عليه وسلم، إلا أن هذا النظام ازدهر بشكل كبير في مطلع القرن العشرين الميلادي.
لقد شكلت الأوقاف ثقافة راسخة في المجتمعات الإسلامية عبر التاريخ، حيث كانت دائمًا تُخصص لمصلحة المجتمع ورفاهيته الاقتصادية. فمنذ البدايات الأولى، جرى تخصيص الأراضي والأموال لبناء المساجد والمؤسسات التعليمية في منطقتنا. وقد استغل المجتمع المسلم في كيرالا هذه الأوقاف لتلبية احتياجاته الاجتماعية والدينية. ومن بين أبرز الأوقاف التي أُنشئت في تلك الفترة: المدارس الإسلامية (المدارس القرآنية)، المساجد، المدارس الملحقة بالمساجد (الكتاتيب)، والأضرحة. ويعتقد المؤرخون أن نظام الوقف قد ظهر مع وصول التجار المسلمين العرب إلى كيرالا.
وصول التجار المسلمين إلى كيرالا:
يرجع ظهور المجتمع المسلم في كيرالا إلى الحقبة التي بدأت مع فترة النبي محمد صلى الله عليه وسلم وامتدت حتى القرنين السابع والثامن الميلاديين. ويُقال إن مسجد شيرامان هو أقدم وقف إسلامي في كيرالا، إذ يُعتقد أنه بُني في عام 629 ميلادي، ويعتبر مالك بن دينار، قائد أول قافلة مسلمة وصلت إلى كيرالا، هو من أسس هذا المسجد. ويروي المؤرخون أن مالك بن دينار وصل إلى كيرالا خلال فترة حكم شيرامان بيرومال.
تتعدد الروايات حول نشأة المجتمع المسلم في كيرالا، ومن بين هذه الروايات قصة تشير إلى أن شيرامان بيرومال كان ملكًا من ملوك سلالة الشيرا في كيرالا، ويُعتقد أنه عاش في نفس فترة النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
ويروى أن شيرامان بيرومال رأى في منامه مشهدًا مهيبًا حيث انشق القمر إلى نصفين، مما أثار فضوله وحرصه على معرفة الحقيقة، مما دفعه للسفر إلى الجزيرة العربية للبحث عن تفسير، وهناك التقى بالنبي صلى الله عليه وسلم واعتنق الإسلام واتخذ اسم “تاج الدين”، وبعد أن أسلم أرسل مالك بن دينار ورفاقه إلى مالايبار لبناء أول مسجد في المنطقة قبل أن يعود إلى كيرالا، ويُقال أنه توفي في مكان يُدعى ظفار في عمان خلال عودته.
على الرغم من أن قصة شيرامان بيرومال لم تُثبت تاريخيًا بشكل قاطع، إلا أنها تحظى بمكانة كبيرة في التراث الشعبي للمجتمع المسلم في كيرالا. وتشير الروايات التاريخية القديمة إلى أن إسلام شيرامان بيرومال وسفره إلى الجزيرة العربية ووصول مالك بن دينار إلى كيرالا، كانت محطات مهمة في تاريخ بناء المساجد في المنطقة. كما يُقال أن شيرامان بيرومال، عند عودته، منح الأرض للتجار المسلمين لبناء المسجد، ما يشير إلى أن أول وقف في كيرالا يعود إلى تلك الفترة.
مجلس الأوقاف في كيرالا:
تم تشكيل مجالس الأوقاف في مختلف الولايات الهندية وفقًا لقانون الأوقاف رقم 29 لعام 1954م، الذي أقره البرلمان الهندي بهدف منع الاستيلاء غير المشروع على أصول الأوقاف واستعادتها، وضمان استخدامها وفقًا لنية الواقفين، وقد تم تأسيس مجلس الأوقاف في كيرالا عام 1960م، ومقره الرئيسي في كالور، إيرناكولام. ويقوم المجلس بالإشراف على الأوقاف في كيرالا وحمايتها، وضمان استخدامها للأغراض التي أُنشئت من أجلها. ويلعب المجلس دورًا رئيسيًا في تنفيذ الخدمات الاجتماعية والتعليمية والثقافية والدينية للمجتمع المسلم في كيرالا.
أبرز المساجد المسجلة في مجلس الأوقاف:
- مسجد شيرامان (ثرشور)
- مسجد بيما (تريفاندرم)
- مسجد الجمعة في أوتابالام (بالاكاد)
- مسجد ممبورام (مالابورام)
- مسجد مالك بن دينار الكبير (كاسركود)
أهم المؤسسات التعليمية الوقفية:
- دار العلوم في وازاكاد
- كلية فاروق
- مدرسة المدينة في بوليكال
- جامعة شانتابورام
- كلية النورية في باتيكرات
- مركز القرآن في كارانثور
- كليات جمعية المسلمين التعليمية (MES)
الخاتمة:
إن دراسة تاريخ الأوقاف في كيرالا وأدوارها المتعددة، وتنظيمها هو أمر ضروري لفهم التطور الاجتماعي والثقافي والديني للمجتمع المسلم في كيرالا. لذلك يجب أن تستمر الجهود من الأجيال الجديدة للحفاظ على هذا التراث الغني وتطويره بما يخدم مصالح المجتمع كون الأوقاف وسيلة مهمة في تحقق التكافل الاجتماعي.
المراجع:
- “الأوقاف في كيرالا” تأليف عبد الحفيظ الندوي (منشور من قبل IFA دلهي)
- “ثقافة الوقف” تأليف نوشاد م ك (باحث في JMI)
- موقع مجلس الأوقاف في كيرالا