Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
أدب

ما أعظم قلوب البشر!

بقلم : إبن زيد


“السلام عليكم ورحمة الله”، صوت من رقم غير مسجل لدي، لكني عرفت صوت إبراهيم يوسف فورًا ولو اتصل من رقم جديد. رددت السلام مبتسمًا.

سألني بلهفة: “هل يمكنني رؤيتك؟”
دون أن أفهم ما الذي يجري، استفسرت: “أين أنت؟ سآتي إليك الآن.”

أخبرني أنه في مجلس بيته بمنطقة الذيد، وسألني إن كنت سآتي سريعًا. دون تردد، انطلقت نحوه.

في الإمارات، يعرف التعبير عن الحب بتحية الأنوف، لكن إبراهيم عانقني بحفاوة، مداعبًا ظهري لفترة. لم أفهم السبب وقتها.
رأيت الدموع تلمع في عينيه. وضع القهوة واللوز والتمر أمامي، وتفوح من القهوة رائحة خفيفة للهيل والزعفران. وأثناء شربي، كان يدلل ظهري من حين لآخر.

بدأ يحكي عن العلاقات التاريخية التي تعود إلى أكثر من ألف عام بين كيرالا والعرب، عن التجارة، عن الأرز، وعن رجل عجوز ذهب إلى ميناء بيبور في مليبار لبناء السفن، وعن الأزمنة القديمة، حتى عن زوجات العرب القديمين في كوزيكود. وتساءلت: من هذا الذي يتحدث معي بكل هذا الحب؟ إنه رئيس قسم الاقتصاد السابق برأس الخيمة .

وبينما كنت أستمع إليه دون أن أعرف إلى أين سيأخذني الحديث، شرع في سرد قصص عن بعض البدو السعوديين الذين لم يدخلوا الساحة الرئيسية حتى اليوم.

قبل نحو خمسة أو ستة أشهر، قُتل سعودي بطريق الخطأ بسبب إهمال شاب آخر. وقد وُعد بتعويضات من ممتلكات مائة قبيلة مقابل خطأ حدث أثناء المزاح، لكن قلب الرجل الذي فقد ابنه لم يرحم ولم يسامح.

“دموعي جاءت من الفرح لأنكم هزمتم هؤلاء البدويين”، قال وهو يسترجع الأحداث. طلبت من أسامة (السائق) إرسال رابط لإرسال الأموال، لكن الرابط أُغلق قبل أن أتمكن من الإرسال. وأخذ يتحدث عن كيرالا، عن البشر، عن كل شيء… كلماته كانت كالعطش، لا تروي.

عبد الرحيم وأمه

أعطاني مبلغًا لا بأس به من المال، قائلًا: “يجب أن تفعل شيئًا للناس في كيرالا. هذه النقود التي جمعتها لإنقاذ عبد الرحيم من السجن السعودي”. إبراهيم كان قد ساعد بمائتي بطانية خلال فيضانات 2018. سألته: “هل يمكن استخدام هذه الأموال لحفر ثلاثة أو أربعة آبار؟”

ما هو أكبر من إرواء العطش؟ استخدمها كما تريد”

لم أنادِه بأي اسم حتى ذلك الحين، فقلت: “أرباب، سأذهب إلى كيرالا في يونيو. سآخذ المال منك حينها.” قال: “ضع المال عندك.”

وفي تلك الأثناء، سأل عن أطفالي وعائلتي وعانقنا بعضنا قبل الفراق.

عدت إلى مشاغلي. في المساء، اتصلت بي ابنتي. قالت: “أبي، إبراهيم جاء هنا. قدم لأختي وأمي شوكولاتة وأعطاني سلة مليئة بالشوكولاتة. ولم يشرب حتى العصير قبل أن يعود.”

كنت أقود سيارتي بالقرب من قرية شاطئ الحمرا. وقفت السيارة ونظرت إلى البحر، شعرت بأن البحر أصغر من القلب البشري. وكأن نسيم البحر يحمل تنهيدة رحمة شخص ما…

قلت : يا الله العالم يلقي بعين اهتمامه نحو شعب كيرالا…
بدا البحر في عيني، بكل اتساعه، لا يعادل عظمة قلوب البشر!”

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى