Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
ثقافة وحياة

جمال التنوع في عادات رمضان في الهند

شهر رمضان يحمل معه مزيجًا من العادات والتقاليد الخاصة والثقافات الهندية المحلية. هناك بعض العادات والتقاليد الهندية التي تميز شهر رمضان بين المسلمين في ديار الهند.

كما يُقال عن الهند إنها بلاد التنوع الثقافي، حيث لا توجد وحدة في طقوس أهل دين واحد في ولاية واحدة، إذ كل رسم يختلف عن رسم أهل ولاية أخرى في ديار الهند. ومن مظاهر هذا التنوع انفتاح المسلمين الهنود في الاحتفاء بشهر رمضان المبارك عندهم. فلا نجد الوحدة فيهم إلا أنهم يبدأون الصيام من قبيل الفجر وينتهون بالمغرب، ولكن الوجبات الغذائية والحضارات والثقافات المختلفة المتعلقة بالصيام متنوعة كتنوع اللغات في الهند.

الصلوات والعبادات: يتميز الشهر بزيادة التركيز على الصلاة والقراءة القرآنية، ويحرص المسلمون على تعميق علاقتهم بالله وزيادة الأعمال الصالحة خلال هذا الشهر المبارك ويرتدون ملابس خاصة مثل القلنس والحجاب والعمائم والجبات البيضاء، وهذا منظر عام في كل بقاع الأرض. إلا أن الهند نجد فيها من يهتم بختم القرآن في صلاة التراويح بمدة أقل من عشرة أيام أو أسابيع. وتكون القراءة في هذه المساجد قراءة هادر حيث قد لا يفهمها إلا من له سماع حاد لألفاظ القرآن وفهم عميق لمعانيه، وهذه المساجد توجد بكثرة في شمال الهند، في حين أن أهل الولايات الساحلية يهتمون بقصارى السور في صلاة التراويح إلا البعض في كلتا المنطقتين. فتكون المساجد حية بهذه المناسبة السعيدة يجتمع لها الشباب والشيوخ والأطفال الصغار والنساء (في بعض المساجد).

الإفطار: وجبة مهمة جدًا في أيام رمضان حيث يجتمع الأهل والأصدقاء لتناول الطعام معًا عند غروب الشمس. وتكون هناك عزومة كبيرة باسم الإفطار في الفنادق والمطاعم والمقاهي يجتمع لها المعزومون من كل طبقات المجتمع بغض النظر عن الأديان والمذاهب، يعقدها أشخاص سياسيون ومنظمات دينية، فتكون هذه الفرص تجمع جاليات وأصحاب ديانات ويتبادلون حبهم وتقديرهم تجاه الإسلام والمسلمين، ينتهزها من له طابع دعوي من رجالات المنظمات الدينية. وهذه الظاهرة منتشرة في شمال الهند بين الزعماء السياسيين أكثر.

الطعام الهندي التقليدي: يتميز الإفطار بتناول أطباق هندية تقليدية مثل البيرياني، والسموسا، والكباب، والحلويات المحلية مثل الجلاب جامون والرسغولا، ومنهم من يتناول الوجبة الرئيسية مع الإفطار، ومنهم من يؤخرها إلى بعد صلاة التراويح، ومنهم من يتناولها بعد صلاة المغرب. وأما الوجبات الرئيسية في ولاية كيرالا فتختلف عن الوجبات المحلية في شمال الهند لأن أهل كيرالا يفضلون الأطباق والأطعمة من الرز، أما أهل الولايات الأخرى فيفضلون القمح ومشتقاته، ومنها البطاطس والأطعمة الدسمة الأخرى، وأما أهل أقصى جنوب الهند فيستخدمون حليب جوز الهند مع الخبز، ويشربون تاري كنجي بعد صلاة التراويح، وهو عبارة عن حليب ومكسرات الكاجو مع القس (راوا) أو روح الورد، ويشربون كنجي هذا بعد صلاة التراويح، وهو شراب مسلوق الرز مع الكمون والزنجبيل في حليب جوز الهند.

التبادل الاجتماعي: يعتبر شهر رمضان في الهند فرصة للتواصل والترابط الاجتماعي، حيث يتبادل الناس الزيارات والهدايا، ويحرصون على مساعدة المحتاجين وتقديم الصدقات للفقراء والمساكين. وهذا يتضمن توصيل أكياس الأطعمة والأشربة ودقيق القمح والسمن والسكر وما إلى ذلك من الاحتياجات الأساسية. وتشكلت لجان خيرية غير ربحية تعمل في مشارق الهند ومغاربها لهذا الغرض، وهناك لجان لتوزيع زكاة الفطر بمناسبة عيد الفطر ويوزعونها قبل خروجهم إلى مصلاهم.

الديكورات والإضاءة: تتزين المساجد والمنازل بالديكورات والإضاءات الجميلة خلال شهر رمضان، وتضفي الأجواء الرمضانية الخاصة على البيئة المحلية، وتختلف الفوانيس الموجودة في أيام رمضان عن الفوانيس الموجودة في بلاد المسلمين الأخرى. وعادة تكون البيوت مرتبة ومنظمة حتى منتصف شهر شعبان، والنساء يرون فيها بركة، وأما الشوارع الجانبية والأسواق التجارية فتتزين في أواخر رمضان حتى تجلب الزبائن.

التسوق والتحضيرات: يقوم الناس بالتسوق والتحضيرات لشهر رمضان مسبقًا، حيث يتم شراء الأطعمة والمشروبات اللازمة لتحضير وجبات الإفطار والسحور. أما شراء الملابس فهو شيء يهتم به الصغار والكبار، خاصة في أيام العشر الأواخر، وأما الأسر المتدينة فلا تحبذ هذه العادة، ويخرجون لشراء الملابس في بداية رمضان أو قبل رمضان بقليل.

مصلى العيد: هو المكان الذي يُقام فيه صلاة العيد، ويُطلق عليه “العيد گاه” أو “المصلى”. تم إدماج مصطلح “العيد” من العربية مع مصطلح “گاه” الفارسي ليشكل مصطلح “العيد گاه”. يتم تحديد مكان ووقت ومكان صلاة العيد مسبقاً، وهو مكان خاص يجتمع فيه المسلمون لأداء صلاة العيد بعد شهر رمضان، وتأتي تسمية “جاه” في العربية “المصلى”، وليس هناك مصطلح محدد لمكان صلاة العيد، ولكن مصطلح “المصلى” يأتي في الحديث النبوي للدلالة على مكان الصلاة للعيد أو صلاة الاستسقاء أو غيرهما. وأما “عیدگاه” في الهند فتسابق له كل الأحزاب الدينية ما عدا المتزمتين من عوام المسلمين، فيخرج إليه المسلمون بملابسهم الجديدة ويخرجون من طريق ويرجعون بطريق آخر ويزورون ذويهم وأصدقاءهم ويتبادلون التهاني والتبريكات والعيدية للأطفال.

هذه بعض العادات والتقاليد التي تميز شهر رمضان في الهند، وتعكس تلاحم الثقافة الإسلامية مع التراث الهندي المحلي الحالي، وهناك بعض الطقوس والعادات والتقاليد المنقرضة تقريباً، ومن أهمها الإشعار بوقت السحور بالأطبال.

كانت هناك طقوس تقليدية في فترة الصيام تسمى الضرب على الأطبال والأدوات الموسيقية، حيث كان في الناس رجال متطوعون يخرجون في الشوارع جماعات بعد أداء صلاة الوتر أو التراويح في الليل المتأخر، بعد أن يكونوا قد تأدوا النوم العميق بعد التعب من الصيام والعبادة، يُنبههم القائمون بالحفاظ على هذه الطقوس التقليدية. منذ مدة طويلة، كانت هذه الطقوس ممارسة شائعة في جميع أنحاء كيرالا.

ولكاتب هذه السطور تجربة شخصية في الخروج لمثل هذه الأنشطة في سن الخامسة عشرة، وكان الأولاد والشباب يتطوعون في ممارسة هذه الطقوس التقليدية، وكان يتم تحفيزهم من قبل العائلات والأقارب في المنطقة التي يعيشون فيها، ويحصلون على العيدية من البيوت التي يزورونها ليلة العيد، وكان هناك جماعات تأتي من شمال الهند لأداء هذه الخدمات التطوعية ويحصلون على تحفيز وبخشيش من قبل أهل الخير في المنطقة.

ومن هذه الطقوس إطلاق النار والصوت المعروف في كيرالا كان ممارسة شعبية كبيرة وشائعة في معظم الولايات الهندية، حيث كان مكبر الصوت غير منتشر في تلك الفترة، وكانت تتمثل هذه الممارسة في استخدام الأدوات المعروفة باسم کتینا، حيث كان يقوم المتطوعون بإطلاق النار بالصوت الجهوري حتى يسمع من في الحي أو يروا النيران الصادرة بألوان مختلفة في مناطق متفرقة من القرية.

وهذه بعض الصور التي ما زالت حية في ذكريات المولودين قبل ثمانينيات القرن الماضي وانقرضت بانتشار الساعات المنبهة والهواتف الذكية ومكبر الصوت في كل مسجد.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى