تعزيز الوئام الديني: معبد بابس الهندوسي في أبوظبي

شعلة أمل ومنارة للوئام

في عالم تسوده الانقسامات، يبرز معبد بابس الهندوسي في أبوظبي، عاصمة دولة الإمارات العربية المتحدة، كشعلة أمل ومنارة للوئام. ممتداً على مساحة 27 فداناً بالقرب من الرحبة، يمثل هذا الإنجاز المعماري أكثر من مجرد مكان للعبادة؛ فهو يشهد على إرث الوحدة والتعاون والقبول الديني. كونه المعبد الهندوسي الحجري الأول في أبوظبي، تتعدى أهميته مظهره المهيب وتفاصيله المعقدة بكثير.

التصميم والبناء

صُمم المعبد من الرخام والحجر الرملي، بمساهمة حرفيين مهرة من راجستان وغوجارات، ليصبح رمزاً للتبادل الثقافي والاحترام المتبادل. يسجل الحجر الرملي الوردي من راجستان، والمياه المقدسة من نهري الغانج واليمونا، وحتى الأثاث المصنوع من جذوع الأشجار المعاد تدويرها، قصة التنوع الثرية التي تجمع لخلق هذا المكان المقدس.

أحد أبرز معالم المعبد هو غات فيراناسي، مدرج مصمم ليحاكي الغات الأيقونية في فاراناسي. هنا، يمكن للزائرين الجلوس للتأمل والتواصل مع الروحانيات، بينما يُنقلون عقلياً إلى ضفاف الأنهار المقدسة في الهند. تمثيل الغانجا واليمونا وساراسواتي يعد تذكيراً بالتراث الثقافي الغني الذي يجمع الناس معاً عبر الحدود والمعتقدات.

التنوع والشمولية

الأضرحة السبع داخل المعبد، المكرسة لآلهة هندية مختلفة، تعكس التنوع والشمولية التي تحدد الهندوسية. من الرب تيروباتي بالاجي إلى الرب هانومان، يجد كل إله مكانه للعبادة، مرحباً بالمؤمنين من كافة الخلفيات. النقوش الدقيقة التي تزين الأضرحة لا تبرز فقط حياة وتعاليم الآلهة، بل تشهد أيضاً على الحرفية والإخلاص المستثمر في بنائها.

قبة الوئام

في قلب المعبد تقع “قبة الوئام”، التي تعتبر شاهداً على ترابط الكون. تمثل القبة الخمسة عناصر الطبيعة وتحتوي على نقوش لحيوانات مثل الخيول والجمال، رمزاً للإمارات العربية المتحدة. هذه القبة هي تحية للتعايش السلمي بين الطبيعة والإنسان، مذكرةً إيانا بأننا، على الرغم من تنوعنا، نشكل جزءاً من كل أكبر، مرتبطين بالروح الإنسانية المشتركة.

معبد بابس الهندوسي ليس فقط مكاناً للعبادة، بل هو مركز اجتماعي وثقافي وروحي شامل. بوجود مرافق تتنوع من صالات الصلاة إلى مناطق الألعاب المناسبة للأطفال، والممرات المائية إلى الحدائق ذات الطابع الخاص، يهدف المعبد إلى تلبية احتياجات المجتمع بأكمله. هو المكان الذي يجتمع فيه الناس للاحتفال بتفردهم وبناء روابط من الصداقة والتفاهم المستمر.

الاستدامة والصداقة مع البيئة

بالإضافة إلى ذلك، يُظهر التزام المعبد بالاستدامة والصداقة مع البيئة معايير للمؤسسات الدينية المستقبلية. من خلال استخدام الرماد المتطاير كبديل للأسمنت، وتركيب بلاط نانوي لمكافحة الحرارة الشديدة، لا يقتصر دور المعبد على تقليل البصمة الكربونية فحسب، بل يحافظ أيضاً على قداسة المكان. يشهد على أهمية العناية بالبيئة والدور الذي يمكن أن تلعبه المؤسسات الدينية في تعزيز مستقبل أكثر استدامة للجميع.

في عالم يعج بالانقسامات والخلافات، يقف معبد بابس الهندوسي في أبوظبي كمثال ملهم لما يمكن تحقيقه عندما يجتمع الناس في روح الوحدة والتناغم. إنه يُظهر قوة التعاون وجمال التنوع وعظمة الروح الإنسانية. بينما نحتفل بافتتاح معبد هندوسي في بلد مسلم، دعونا نحتفي أيضاً بالتسامح، القبول، والاحترام المتبادل الذي يجسده هذا المعبد. لأنه، في النهاية، من خلال تقبل اختلافاتنا يمكننا فقط أن نحقق السلام والوئام الحقيقيين في عالمنا.