صدى القرآن في قلب محمد عيسى: رحلة صمود وأمل
بقلم : جستا سنجيت
ها هو ذا، محمد عيسى عبد الهادي، يافعٌ في ريعان عمره الأربعة عشر عامًا، لم يزل يكتشف ملامح العالم من خلال ثنايا نظرتيه، تتجاوز قدرته على التعبير عن مطالبه البسيطة أو المشي بخطى ثابتة. ليس له من البيان ما للعلماء، غير أنه يغمره الفرح العارم كلما خاطب كلمات القرآن الكريم، وينبض قلب والده بالسعادة والاطمئنان عندما يستمع إلى ترتيل محمد عيسى للقرآن.
محمد عيسى، الهبة الإلهية
جاء محمد عيسى إلى الدنيا بعد أختيه، في عام 2009م، مُضفيًا على حياة والده عبد الهادي طعمًا مختلفًا؛ فهو يرى فيه هبة سماوية عزيزة. وعلى الرغم من المصاعب الجسدية التي يواجهها، يؤمن عبد الهادي بأن الذين ولدوا بتحديات وآمنوا بالله وعاشوا على هدي النبي محمد، فتحوا لأنفسهم أبواب الجنان. يؤمن عبد الهادي بأن كل لحظة من القوة والتوجيه والصبر في حياة محمد عيسى وعائلته هي هبة من الله، وبالرغم من الألم الذي يعتريه عند رؤية أطفال في سن ابنه، إلا أنه يختار الإيمان بأن ابنه هو نعمة من الله.
التحديات الجسدية لمحمد
ولد محمد مواجهًا تحديات جسدية لم تكن واضحة مباشرة، في مستشفى دبي بمدينة دبي، خضع محمد لعملية جراحية تجميلية للقولون بعد ولادته مباشرة، مما استلزم بعدها رعاية مكثفة، كما يشير عبد الهادي إلى أن ابنه، في عمره الحالي، لا يزال يجد صعوبة في التعبير عن احتياجاته الأساسية أو التواصل الكلامي، مؤكدًا أن بإمكان محمد تجاوز هذه العقبات بمساعدة مستمرة.
ترتيل محمد للقرآن
منذ أن بلغ الثالثة من عمره، شرع محمد في ترتيل القرآن بانتظام، وقد وجد في ذلك مصدرًا للبهجة والسرور. يذكر عبد الهادي أن شغف محمد بتلاوة القرآن بدأ منذ صغره، وقد شاركته شقيقتاه سمية وعائشة هذا الشغف، بينما كانت سمية تتأمل في سورة الشمس، كان محمد يستعد لترتيل القرآن في صلوات رمضان بالمسجد، مما أكسبه التقدير لتلاوته المؤثرة.
إنجازات محمد القياسية
توجت تلاوات محمد المستمرة بتحطيم الرقم القياسي العالمي لأطول ترتيل متواصل لسورة البقرة في عام 2023م، الأمر االذي يعتبر إنجازا كبيرا، أمام التحديات الكثيرة والصعبة التي يواجهها. تم تسجيل هذا النجاح كأول إنجاز من نوعه لطفل يعاني من إعاقات متعددة، الأمر الذي يؤكد على أن قدرات الإنسان لاشيء يحدها، ورغم التحديات التي قد تواجه المرء فإنه دائما ما يجد طرق أخرى للابداع والتميز.
ذكريات لا تُنسى
تكللت رحلة محمد لأداء العمرة بلحظات مؤثرة، حيث انضم إليه نحو 700 شخص في دعائه حول الكعبة، وهو ما شكل ذكرى عزيزة لوالده. كذلك، كانت لحظة لمس محمد للحجر الأسود رغم تحدياته الجسدية من أثمن الذكريات لعبد الهادي.
أماني تتحقق بالسور
كل صباح، يستفسر محمد عن السورة التي يود والده الاستماع لها في يومه، وبنهاية اليوم، يكون محمد قد حقق هذه الأمنية، إلى جانب تلبية رغبات شقيقاته في الاستماع لتلاواته، واللاتي يعتبرهن جمهوره المفضل.
إن حياة محمد عيسى عبد الهادي، مع تحدياتها ولحظاتها الملهمة، تجسيد للصبر والأمل والإيمان العميق، وتعلو فوق تلك التحديات بقوة العقيدة والحب الصادق لكلام الله.